📁 آخر الأخبار

مدرسة التاريخ الجديد

مـقـدمـة:
ارتبطت الكتابة التاريخية ومناهجها وتطورها ارتباطا وثيقا بما عرفته العلوم والفكر من تطور عبر التاريخ، فقد تحكم السياق العلمي، دون نسيان السياق السياسي في تطور هذا الحقل وتعامله مع وقائعه، إذ لا يمكن عزل المؤرخ عن المجتمع الذي عاش به وثقافة عصره فهو يستقي مفاهيمه وطرق بحثه منه، في إطار التجدد المستمر الذي يأتي نتيجة تجدد رهانات الحاضر، وتجدد الأجيال، وقد ظهرت مجموعة من المدارس في حقل التاريخ، من أشهرها مدرسة الحوليات الفرنسية التي انبثقت عنها خلال السبعينات مدرسة التاريخ الجديد.

ارتبطت الكتابة التاريخية ومناهجها وتطورها ارتباطا وثيقا بما عرفته العلوم والفكر من تطور عبر التاريخ، فقد تحكم السياق العلمي، دون نسيان السياق السياسي في تطور هذا الحقل وتعامله مع وقائعه، إذ لا يمكن عزل المؤرخ عن المجتمع الذي عاش به وثقافة عصره فهو يستقي مفاهيمه وطرق بحثه منه، في إطار التجدد المستمر الذي يأتي نتيجة تجدد رهانات الحاضر، وتجدد الأجيال، وقد ظهرت مجموعة من المدارس في حقل التاريخ، من أشهرها مدرسة الحوليات الفرنسية التي انبثقت عنها خلال السبعينات مدرسة التاريخ الجديد

الـمـفـاهـيـم الـعـامـة:

مدرسة التاريخ الجديد: هي تيارات تجديدية ظهرت في حقل التاريخ خلال الثمانينات من القرن الماضي وتميزت بمقاربات وبمفاهيم جديدة للكتابة التاريخية فيما يخص الحدث والمدة الزمنية والموضوعات ونجد أهم هذه التيارات التاريخ الثقافي والتاريخ السياسي الجديد والتاريخ المجهري.
التاريخ الثقافي: يشمل الثقافة العالمة والثقافة الشعبية والمقاربات الدينية والأساطير والمشاعر والمؤسسات الثقافية والمدرسة والموضة والرياضة والموسيقى والممارسات الثقافية الجماعية.
التاريخ السياسي الجديد: تاريخ السلطة في جميع تجلياتها، ولو أنها ليست دائما سياسية، وإنما تاريخ يأخذ بعين الاعتبار رمزية السلطة وتمثلها في المتخيل.
التاريخ المجهري: هو تاريخ يهتم بمواضيع الحياة الخاصة بما هو شخصي، وبما هو معيش.

الـسـيـاق الـعـام:

عرفت مدرسة الحوليات خلال السبعينات جيلا جديدا من الباحثين الذين تولوا إدارة مجلة الحوليات، إذ تولى جاك لوغوف القسم السادس الخاص بـ "العلوم الاقتصادية والاجتماعية" بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا (EPHE) سنة 1972م مما مكنه من جمع الأدوات الممكنة لفتح أوراش جديدة وتجديد الكتابة التاريخية، وقد شهدت الدراسة مع هذا الجيل التركيز على تجديد التاريخ ليظهر معه مصطلح التاريخ الجديد، حيث عرفت تحول تاريخي تمثل في التأثر أكثر فأكثر بالأنتروبولوجيا ومواضيع أخرى كانت تعتبر هامشية.

الــرواد:

لقد ظهر مصطلح التاريخ الجديد لأول مرة مع هنري بار Henri Berr سنة 1930م، لكن يعتبر جاك لوغوف (1924-2014) قائد هذا التيار الجديد بمعية مجموعة من الباحثين الاخرين من أمثال جورج دوبي وبيار شوني، روجي شارتيي، إمانويل لوروا لادوري، أندري برغيار وغيرهم من الذين انتقلوا بالكتابة التاريخية من البحث في حياة الناس من زاوية الكم إلى ما هو كيفي.

المـبـادئ:

  • توسيع حقل التاريخ واهتماماته إلى مجالات جديدة من حياة الإنسان كتاريخ الحب والموت والكراهية وتاريخ الذهنيات والأمراض والأوبئة.
  • الاهتمام بالتاريخ الفتاتي الذي يستغرق في تفاصيل الظاهرة
  • التركيز على تاريخ كل طبقات المجتمع بما فيهم المهمشين والمنسيين مع إعطاء مكانة متواضعة لتاريخ الدولة الأمة والشخصيات البارزة.
  • الاعتماد على مصادر جديدة مثل دفاتر العدول والتاريخ الشفوي والتراث اللامادي.
  • النظرة الشمولية للظاهرة التاريخية باعتبارها ليست منحصرة في حق التاريخ ولا يمكن فهمها بما يكفي من الدقة لو اقتصرت في ذلك على علم واحد.
  • اقتباس موضوعات بحثية جديدة من مصطلحات لها صلة بعلوم إنسانية أخرى.
  • التداخل بين المنهجين التاريخي والبنيوي، تداخل أغنى علم التاريخ وعلم الإثنولوجيا والأنتروبولوجيا كما أكد على ذلك فرناند بروديل من جانب التاريخ وليفي ستروس من جانب الأنتروبولوجيا والإثنولوجيا.
  • إعادة الاعتبار للتاريخ السياسي، وللحدث وللمذكرات والسير ومعالجتها من منظور التاريخ الجديد.
  • الاعتماد على علوم مساعدة مثل الجغرافيا الديموغرافيا الأنتروبولوجيا
  • الشمولية أو الكليانية إذ ليس هناك تاريخ اقتصادي ولا اجتماعي وإنما التاريخ في وحدته، بمعنى التاريخ هو التاريخ الاجتماعي بأكمله.
  • الربط بين الحاضر والماضي بحيث يمكن الانطلاق من الماضي لفهم الحاضر أو الانطلاق من الحاضر لفهم الماضي.

الانـتـقـادات:

  • تسمية التاريخ الجديد تبخس من مكانة ما قدم السلف في مجال التاريخ قبل ظهور هذا التوجه الجديد.
  • تشظي الكتابة التاريخية ومخاطر اختفاء التاريخ كتخصص بسبب الانصهار اللامحدود في العلوم الاجتماعية
  • التنازل الكبير عن الصرامة الأكاديمية لفائدة لغة الصحافة
  • التاريخ أصبح فتات بسبب التعدد الفوضوي لموضوعاته
  • الانتاجات غزيرة لكن دون فائدة
  • الإفراط في التلاقح مع العلوم الاجتماعية من شأنه أن يمحي المؤرخين من الساحة، ولن يبقى سوى أنثروبولوجي أو اقتصادي الماضي
خــاتــمــة:
قدمت مدرسة التاريخ الجديد إضافة معتبرة لعلم التاريخ بانفتاحها على علوم أخرى مساعدة وألزمت على المؤرخ أن يكون ذا ثقافة واسعة ومتينة لا تقتصر على التاريخ فقط، وإنما تشمل العلوم الإنسانية مثل الاقتصاد والفلسفة وعلم السياسة وعلم الاجتماع... لأن الحدود التي وضعت بين التاريخ وبقية العلوم الإنسانية والاجتماعية حدود زائفة، فالإنسان كل ووحدة وليس أجزاء متلاحقة.

البيبليوغرافيـا:
• جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري، (بيروت المنظمة العربية للترجمة 2007).
• محمد حبيدة، المدارس التاريخية من المنهج إلى التناهج
• ذ. عبد العزيز أكرير، محاضرات البحث التاريخي مدارس ومناهج 2019-2020.
• سمير قفص، محاضرات مدخل لدراسة التاريخ 2020-2021
تعليقات