📁 آخر الأخبار

نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة

مــقــدمـــة:
 شكل بروز القطبية الثنائية غداة الحرب العالمية الثانية نهاية مركزية أوربا في العالم، استمر هذا النظام إلى أواخر الثمانينات تحت مسمى الحرب الباردة. فما السياق التاريخي لبروز القطبية الثنائية؟ وما مظاهر الحرب الباردة الأولى؟ وما خصائص التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية؟
مدونة الاجتماعيات| دروس التاريخ| الثانية بكالوريا| القطبية الثنائية والحرب الباردة
الدب الروسي يتنازع سيطرة العالم مع العجوز العام سام


 I. برزت القطبية الثنائية في سياق نهاية الحرب العالمية الثانية:

انقسم العالم عقب الحرب العالمية الثانية إلى كتلتين حيث اختلف الحلفاء في تأويل مقررات مؤتمر يالطا سنة 1945م، فبينما تدخل الاتحاد السوفياتي في بولونيا وعمل على تشجيع الشيوعية في عدد من دول أوربا الشرقية، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتباع سياسة الاحتواء من خلال مشروع مارشال الذي أطلقه الرئيس هاري ترومان سنة 1947م والهادف إلى تقديم مساعدات اقتصادية لدول أوروبا الغربية للحد من انتشار المد الشيوعي، ورد الاتحاد السوفياتي بتشجيع الحركات العمالية والأحزاب الشيوعية حتى داخل فرنسا وبريطانيا، وترتب عن هذا التباعد ظهور كتلتين في إطار القطبية الثنائية، كتلة غربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفياتي.

II. تعددت مظاهر الحرب الباردة الأولى وأزماتها:

1. شملت الحرب الباردة الأولى عدة ميادين:

شكلت الحرب الباردة صراعا وتنافسا غير مباشر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، شمل هذا التنافس المجال العسكري من خلال التسابق نحو التسلح وامتلاك القنابل النووية ومختلف الأسلحة الفتاكة، وخلق تحالفات عسكرية، حيث نشأت الولايات المتحدة حلف الشمال الأطلسي (الناتو) الذي ضم إلى جانبها بلدان أوربا الغربية، ورد الاتحاد السوفياتي بتكوين حلق وارسو.

2. تخللت الحرب الباردة الأولى عدة أزمات:

تجلت الحرب الباردة الأولى في عدة أزمات، على رأسها أزمة برلين 1949م التي اندلعت نتيجة معارضة الاتحاد السوفياتي لاتفاق الدول الغربية القاضي بتوحيد ألمانيا، فأعلنت الولايات المتحدة عن تأسيس جمهورية ألمانيا الفدرالية في القسم الغربي، بينما أعلن الاتحاد السوفياتي عن تأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية في القسم الشرقي، إلى جانب الحرب الكورية التي تمثلت في الحرب الأهلية بين أنصار الاشتراكية المدعومين من الاتحاد السوفياتي، وأنصار الرأسمالية المدعومين من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، امتدت بين 1950 و1953م لتنتهي بانقسام البلاد إلى كوريا الشمالية الاشتراكية وكوريا الجنوبية الرأسمالية.

 III. دخلت القطبية الثنائية مرحلة التعايش السلمي قبل أن يتجدد الصراع ثانية:

1. اتجهت الحرب الباردة نحو التهدئة بظهور مفهوم التعايش السلمي:

بوفاة ستالين سنة 1953م دخلت العلاقات الأمريكية السوفياتية مرحلة التعايش السلمي عبر مد جسور التواصل، وتبادل الزيارات والتوقيع على عدة اتفاقيات تهم منع انتشار الأسلحة الفتاكة والحد من التجارب النووية التي تهدد الإنسانية، ورغم محاولات الحوار والتفاوض بين المعسكرين إلا أن المرحلة لم تخلو من أزمات، كان أهمها أزمة برلين الثانية سنة 1961م حيث شهدت ألمانيا الشرقية نزيفا ديمغرافيا بنزوح المهاجرين نحو ألمانيا الغربية، اضطر معه السوفيات إلى بناء جدار برلين للحد من الهجرة، إضافة إلى الأزمة الكوبية التي اندلعت على إثر اكتشاف الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة للصواريخ السوفياتية في كوبا، فحصرت كوبا وهددت الاتحاد السوفياتي بالحرب، وبعد مفاوضات بين الطرفين سحب الاتحاد السوفياتي الصواريخ، كما تورطت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مباشرة ضد الاشتراكيين المدعومين من السوفيات في الفيتنام، اضطرت معها للانسحاب سنة 1971م بعد تلقيها خسائر بشرية واقتصادية وسياسية.

2. تميز العالم بتوازن الرعب خلال الحرب الباردة الثانية:

انطلقت الحرب الباردة الثانية بعد فشل المفاوضات بين المعسكرين، وتمثلت في عدة أزمات أولها الغزو السوفياتي لأفغنستان 1975م، الذي اعتبرته الولايات المتحدة تهديدا للأمن الدولي، فردت بتقديم دعم اقتصادي وعسكري لباكستان للتصدي لأي هجوم سوفياتي محتمل، كما تدخلت القوتين في العديد من دول العالم الثالث، استأنف الطرفان صراعهما بالسباق نحو التسلح إذ نشر السوفيات وطور أسلحة الليزر في الفضاء الخارجي، وطور الأمريكان برنامج حرب النجوم كما عمل كل طرف على مقاطعة مختلف التظاهرات التي ينظمها الطرف الآخر.

خــاتــمــة:

لم يستطع الاتحاد السوفياتي الصمود أمام الحرب الباردة التي كلفته جهودا كبيرة خاصة بعد تبني عدد من حلفائه مبادئ الرأسمالية الليبرالية، وشكل سقوطه أواخر الثمانينات فرضة للولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال مشروع هيمنتها على العالم.

مفاهيم ومصطلحات:

  • القطبية الثنائية: الانقسام الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الثانية بظهور معسكرين متنافسين على الساحة الدولية هما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية.
  • الحرب الباردة: صراع اقتصادي وسياسي وإيديولوجي دون المواجهة المسلحة المباشرة، وهو صراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي ما بين 1947م و 1989م.
  • التعايش السلمي: مرحلة تتميز بنوع من التحسن في العلاقات الأمريكية السوفياتية والعمل على تسوية الخلافات بطرق سلمية خاصة بعد وفاة ستالين سنة 1953م وتمتد حتى 1975م.
تعليقات