مــقــدمـــة:
خضع المشرق العربي للسيطرة الاستعمارية بعد الحرب العالمية الأولى، رافق ذلك ظهور حركات استقلالية ناضلت من أجل الاستقلال.
- فما التحولات التي عرفها المشرق العربي خلال القرن الـ 20؟
- وما أهم التطورات المؤدية إلى الاستقلال بالمشرق العربي؟
ميز التدخل الأجنبي وضعية المشرق خلال القرن الـ 20م:
مر المشرق العربي بعدة تطورات فترة مابين الحربين:
اندلعت عدة ثورات في المشرق العربي بهدف التخلص من التدخل الأجنبي، إذ استطاعت الثورة الكبرى التي قادها سعد زغلول في مصر إرغام بريطانيا على استبدال نظام الحماية بالحكم الذاتي سنة 1922، وفي مرحلة الثلاثينات بدأت ملامح الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق مما دفع بريطانيا لتوقيع معاهدة الزعفران سنة 1936 التي بموجبها حصلت مصر على استقلال مشروط. فيما انطلقت المقاومة المسلحة العراقية منذ الانتداب مما اضطر بريطانيا لتوقيع معاهدة 1932 التي منحت العراق استقلالا مقرونا بعدة قيود منها الإبقاء على المصالح الاقتصادية، وفي الشام انطلقت الثورة الكبرى بسوريا منذ 1925م، ومع تصاعد نشاط الحركة الوطنية اعترفت فرنسا سنة 1936 باستقلال سوريا ولبنان مع الإبقاء على القواعد العسكرية والإشراف على شؤونها الخارجية.
أما شبه الجزيرة العربية فتمكن عبد العزيز آل سعود من نشر المذهب الوهابي انطلاقا من نجد والأحساء، وتمكن من إخضاع باقي المناطق كما استطاع تأسيس المملكة العربية السعودية سنة 1932، واعترفت بريطانيا باستقلال اليمن الشمالية، وبدأت الشركات الأروبية والأمريكية في التسابق من أجل استغلال بترول المنطقة.
عرف المشرق العربي تطورات بعد الحرب العالمية الثانية:
تأثر المشرق العربي بالتطورات الدولية لما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ قامت الامبريالية البريطانية بتعزيز سيطرتها على كل من مصر والشام وبلدان الخليج بدعوى حماية العالم العربي من خطر الفاشية، إلى جانب بداية التدخل الأمريكي الذي سعى إلى تقوية نفوذه بالمشرق على حساب حلفائه (بريطانيا، فرنسا) وخصومه (ألمانيا، إيطاليا) من أجل إيجاد منفذ للسيطرة على ثروات المنطقة، كما تجاذبت القطبية الثنائية المنطقة العربية خلال الحرب الباردة، إذ شهدت المنطقة التغلغل السوفياتي الهادف إلى خلق أنظمة صديقة تمكنه من فتح الطريق نحو البحر الأبيض المتوسط، فيما ارتبط التدخل الأمريكي بالنفط العربي، وقد ساهمت هذه الظروف في قيام حركة عدم الانحياز في محاولة من الدول العربية للابتعاد عن صراع البلدان الكبرى.
ساهمت تطورات ما بعد الحرب العالمية الثانية في استقلال المشرق العربي:
اتجه العراق والشام نحو الاستقلال:
تولى الملك فيصل الثاني السلطة في العراق سنة 1953م تحت وصاية الوزير نور السعيد الذي عمل على إقامة نظام استبدادي بحل البرلمان، وفي سنة 1956م اندلعت الثورة العراقية ضد الوجود البريطاني وتمكنت العراق من الحصول على الاستقلال التام، لتدخل الدولة بعدها مرحلة الصراعات السياسية التي انتهت بوصول حزب البعث إلى الحكم. أم الشام فقد تصاعدت المقاومة المسلحة فاضطرت فرنسا لسحب قواتها من سوريا ولبنان، وانتهت مفاوضات سنة 1946 بالتحرر السياسي التام للجمهوريتين السورية واللبنانية بعد عرض الأمر على مجلس الأمن، وفي نفس السنة ألغي الانتداب البريطاني على الأردن واعترف باستقلال البلاد.
تمكنت مصر وبلدان الخليج من الحصول على الاستقلال:
تصاعدت الحركة الوطنية المصرية بعد الحرب العالمية الثانية، إذ قامت ثورة الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر في يوليوز 1952 بالإطاحة بالنظام الملكي والقضاء على الامتيازات الأجنبية وضمنها قناة السويس التي تم تأميمها، فكان رد فعل انجلترا وفرنسا وإسرائيل القيام بهجوم عسكري على مصر سنة 1956م الذي عرف بالعدوان الثلاثي. فيما تصاعد المد التحرري في بلدان الخليج، اضطرت معه انجلترا إلى الاعتراف باستقلال الكويت سنة 1961م واليمن الجنوبية 1967م، واستقلال كل من عمان والبحرين 1970، ثم قطر والامارات العربية سنة 1971.
خــاتــمــة:
تمكنت البلدان العربية في المشرق من تحقيق استقلالها السياسي بشكل تدريجي ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن فلسطين ظلت تحت السيطرة الصهيونية في قضية لاتزال حلولها معقدة.